الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ثمنًا} أي: عرضًا من الدنيا {ولو كان ذا قربى} أي: ولو كان المشهود له ذا قرابة منا، وخصّ ذا القرابة، لميل القريب إِلى قريبه.والمعنى: لا نحابي في شهادتنا أحدًا، ولا نميل مع ذي القربى في قول الزور {ولا نكتم شهادة الله} إِنما أُضيفت إِليه، لأمره بإقامتها، ونهيه عن كتمانها.وقرأ سعيد بن جبير: {ولا نكتم شهادةً} بالتنوين «الله» بقطع الهمزة وقصرها، وكسر الهاء، ساكنة النون في الوصل.وقرأ سعيد بن المسيب، وعكرمة {شهادة} بالتنوين والوصل منصوبة الهاء.وقرأ أبو عمران الجوني {شهادة} بالتنوين وإِسكانها في الوصل «الله» بقطع الهمزة وقصرها مفتوحة الهاء.وقرأ الشعبي، وابن السميفع {شهادة} بالتنوين وإِسكانها في الوصل «الله» بقطع الهمزة، ومدّها، وكسر الهاء.وقرأ أبوالعالية، وعمرو بن دينار مثله، إِلاّ أنهما نصبا الهاء.واختلف العلماء لأي معنىً وجبت اليمين على هذين الشاهدين، على ثلاثة أقوال:أحدها: لكونهما من غير أهل الإسلام، روي هذا المعنى عن أبي موسى الأشعري.والثاني: لوصيّةٍ وقعت بخط الميِّت وفَقَدَ ورثتُهُ بعضَ ما فيها، رواه أبو صالح عن ابن عباس.والثالث: لأن الورثة كانوا يقولون: كان مال ميِّتنا أكثر، فاستخانوا الشاهدين، قاله الحسن، ومجاهد. اهـ.
تقديره عندهم إذا حسر بدا، فكذلك إذا حبستموهما أقسما وقوله: {إن ارتبتم} شرط لا يتوجه تحليف الشاهدين إلا به، ومتى لم يقع ارتياب ولا اختلاف فلا يمين، أما أنه يظهر من حكم أبي موسى تحليف الذميين أنه باليمين تكمل شهادتهما وتنفذ الوصية لأهلها وإن لم يرتب، وهذه الريبة عند من لا يرى الآية منسوخة ترتب فيالخيانة وفي الاتهام بالميل إلى بعض الموصى لهما دون بعض وتقع مع ذلك اليمين عنده، وأما من يرى الآية منسوخة فلا يقع تحليف إلا بأن يكون الارتياب في خيانة أو تعد بوجه من وجوه التعدي فيكون التحليف عنده بحسب الدعوى على منكر لا على أنه تكميل للشهادة، والضمير في قول الحالفين {لا نشتري به ثمنًا} عائد على القسم، ويحتمل أن يعود على اسم الله تعالى، قال أبو علي: يعود على تحريف الشهادة، وقوله: {لا نشتري} جواب ما يقتضيه قوله: فيقسمان بالله، لأن القسم ونحوه يتلقى بما تتلقى به الأيمان، وتقديره به ثمنًا، أي ذا ثمن لأن الثمن لا يشترى.وكذلك قوله تعالى: {اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلًا} [التوبة: 9] معناه ذا ثمن، ولا يجوز أن يكون {نشتري} في هذه الآية بمعنى نبيع لأن المعنى يبطله وإن كان ذلك موجودًا في اللغة في غير هذا الموضع، وخص «ذو القربى» بالذكر لأن العرف ميل النفس إلى قرابتهم واستسهالهم في جنب نفعهم ما لا يستسهل، وقوله تعالى: {ولا نكتم شهادة الله} أضاف {شهادة} إليه تعالى من حيث هو الآمر بإقامتها الناهي عن كتمانها، وقرأ الحسن والشعبي {ولا نكتمْ} بجزم الميم، وقرأ علي بن أبي طالب ونعيم بن مسيسرة والشعبي بخلاف عنه {شهادةً} بالتنوين {الله} نصب بـ{نكتم}، كأن الكلام ولا نكتم الله شهادة قال الزهري ويحتمل أن يكون المعنى «ولا نكتم شهادة والله» ثم حذفت الواو ونصب الفعل إيجازًا، وروى يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش {شهادةً} بالتنوين ألله بقطع الألف دون مد وخفض الهاء، ورويت أيضًا عن الشعبي وغيره أنه كان يقف على الهاء من الشهادة بالسكون، ثم يقطع الألف المكتوبة من غير مد كما تقدم، وروي عنه أنه كان يقرأ {الله} بمد ألف الاستفهام في الوجهين أعني بسكون الهاء من الشهادة وتحريكها منّونة منصوبة، ورويت هذه التي هي تنوين الشهادة ومد ألف الاستفهام بعد عن علي بن أبي طالب، قال أبو الفتح: أما تسكين هاء شهادة والوقف عليها واستئناف القسم فوجه حسن لأن استئناف القسم في أول الكلام أوقر له وأشد هيبة أن يدرج في عرض القول، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعبد الله بن حبيب والحسن البصري فيما ذكر أبو عمرو الداني {شهادةً} بالنصب والتنوين {آلله} بالمد في همزة الاستفهام التي هي عوض من حرف القسم {آنا} بمد ألف الاستفهام أيضًا دخلت لتوقيف وتقرير لنفوس المقسمين أو لمن خاطبوه وقرأ ابن محيصن {لملآثمين} بالإدغام. اهـ.
|